"لا أروع ولا أجمل ولا أحلى من روائح الحرية مع أزهار الليمون والنارنج الشامي العتيق"
بسام طالب
|
||
جلست في شرفة منزلي صبيحة العيد أشتم روائح زهر الليمون والنارنج واستمع إلى تكبيرات العيد وأسرح بنظري إلى قصر الشعب والذي كان قصرا للخوف والرعب فأمسى ساحة يحتفل فيه الأطفال وعائلاتهم مع الرئيس الشرع وعائلته. أحيّي جيراني من رجال الأمن العام فيرّدون على تحيتي بأحسن منها، أعايدهم ويعايدونني وكذلك الحال مع جيراننا (مسلمون ومسيحيون) ومن شتى الطوائف، نعايدهم في أعيادهم ويهنئوننا في أعيادنا... كنا نحذر من أّن نشاطر في أي مناسبة (غير أسدية أوحكومية) إذ يفسر الأمر، كما أوضحت التقارير الأمنية التي وجدت في أرشيف أجهزة القمع والمخابرات، بأن ذلك معاد للدولة (فلان صلى بالجامع فلان مدوام ع الكنيسة فلان صار عضو بالجمعية الخيرية الأرمنية وفلان عم يعطي دروس بكالوريا بالمجان راقبوه وغير ذلك كثير) .. نحن جيران الرئيث الهارب في السكن كنا لا نجرؤ على النظر من نوافذ منازلنا ولا نخرج إلى شرفاتنا إلا تحسبا وحذرا كنا نتحاشى ونحذر في نظراتنا ولا نتطلع مباشرة إلى الحرس المحيط بنا من كل جانب فوق الأرض وتحت الأرض فنحن متهمون حتى ولو ثبت العكس. إذا تعطل صنبور ماء في منزلك فعليك أن تذهب إلى مكتب الحرس الجمهوري وتطلب إصلاحه، وإياك أن تنسى أن تأخذ هدية (رشوة) للضابط ليوافق لك على الإصلاح، وبعد حصولك على الموافقة يذهب المصّلح ويودّع هويته في مكتب الحرس ليستلمها بعد إنجاز العمل، والأمر لا يقف عند هذا الحد بل يذهب في بعض الأحيان إلى أبعد من ذلك، فيأتي عنصر مع المصلح ويبقى بحذائه إلى أن ينجز العمل وهذا الأمر ينطبق على المنطقة ألف والتي تضم الشوارع الرئيسة المحيطة بمنزل الرئيث وهناك المنطقة باء وجيم أقل تشددا والتي تمتد من غرب منطقة المالكي لتصل إلى جادة الروضة في قلب العاصمة دمشق. فتحنا نوافذنا ورفعنا ستائرنا وخرجنا إلى شرفاتنا لنستنشق هواء الحرية والكرامة مع روائح زهر الليمون والنارنج والكباد والياسمين الحق وليس ياسمينهم وسيدة ياسمينهم المزيفة اللصة الكاذبة كزوجها!
| ||
ما هو تقيمكم لموقع وجريدة الدبور