مياه ملوثة تهدد صحة السوريين: أزمة رقابة واستيراد غير شرعي تفضح ضعف المنظومة الصحية
ملك محمود
|
||
في خطوة أثارت قلقًا واسعًا، حذرت وزارة الصحة اللبنانية من تلوث عينات مياه شركة "تنورين" المعبأة، داعية إلى سحب هذه المنتجات من الأسواق اللبنانية بعد اكتشاف بكتيريا ضارة فيها. ورغم هذا التحذير، فإن نفس هذه المياه الملوثة لا تزال تتواجد في أسواق سوريا، من دمشق إلى اللاذقية وطرطوس، دون أي تدخل فعلي من السلطات الصحية السورية. هذه القضية لم تكن مجرد حادث عرضي، بل تكشف عن خلل عميق في آليات الرقابة الصحية في البلاد، مما يطرح أسئلة كبيرة حول مدى قدرة النظام الصحي على حماية المواطنين في ظل الظروف الحالية. التلوث الذي لا يُؤخذ بجدية كانت وزارة الصحة اللبنانية قد اتخذت إجراءات حاسمة بسحب منتجات شركة "تنورين" من أسواقها بعد اكتشاف تلوثها ببكتيريا ضارة. ورغم ذلك، تفاجأ الكثيرون من استمرار تواجد هذه المياه الملوثة في الأسواق السورية، حيث تباع في المحلات التجارية والمطاعم دون أن تُتخذ أي إجراءات تذكر من قبل وزارة الصحة السورية. هذه القضية تشكل تهديدًا كبيرًا لصحة المواطنين السوريين، حيث أن استهلاك المياه الملوثة يمكن أن يؤدي إلى أمراض خطيرة تؤثر على حياة الآلاف وعليه، تبرز أهمية دور الرقابة الصحية لضمان سلامة المنتجات وحماية المجتمع من المخاطر الصحية. مشكلة تتكرر: تلوث مواد غذائية ومشروبات مستوردة الواقع أن قضية المياه الملوثة ليست حادثًا معزولًا، بل جزءًا من مشكلة أوسع تتعلق بتلوث المواد الغذائية والمشروبات المستوردة إلى العديد من الدول العربية. بينما قامت بعض الدول مثل لبنان وقطر بسحب المنتجات الملوثة فورًا من الأسواق، تظل سوريا في دائرة الشكوك. ففي السوق السورية، تُباع هذه المنتجات في أسواق لا تخضع لرقابة صارمة، ما يجعل من الصعب على السلطات تتبع حركة هذه المنتجات، في ظل ضعف النظام الصحي الحالي. وتفاقم المشكلة أيضًا من خلال استيراد بعض المنتجات عبر قنوات غير رسمية، ما يسهل دخول منتجات غير مطابقة للمواصفات الصحية هذه الثغرات في النظام الرقابي تؤكد أن القضية ليست مجرد خطأ فردي، بل تكشف عن مشكلة عميقة في آلية الرقابة على المواد المستوردة. الرد الحكومي: غياب حاسم على الرغم من تحرك وزارة الصحة اللبنانية والقطرية في سحب المنتجات الملوثة من أسواقها، لم تعلن وزارة الصحة السورية عن أي إجراءات رسمية حتى الآن. هذا الغياب الواضح في الردود الرسمية يثير تساؤلات كبيرة حول قدرة الحكومة على حماية صحة مواطنيها. فقد أرسل الوكيل الرسمي لشركة "تنورين" في سوريا خطابًا إلى وزارة الصحة ومكتب السلامة الغذائية في دمشق، طالبًا أخذ عينات من المياه لفحصها والتأكد من وجود البكتيريا. ورغم هذه المبادرة، يبقى الوضع في غموض، مما يضاعف القلق الشعبي من استمرار بيع هذه المياه الملوثة. الإعلام والشبكات الاجتماعية: صمت مريب! بينما سلطت وسائل الإعلام اللبنانية الضوء على القضية بشكل مكثف، تحاشى الإعلام السوري تناول القضية بنفس الحدة والاهتمام. هذا الصمت الإعلامي يثير الشكوك حول أولويات الصحافة السورية في تغطية القضايا الصحية التي تمس حياة المواطن بشكل مباشر. على شبكات التواصل الاجتماعي، يزداد القلق بين السوريين الذين بدأوا يتداولون صورًا لمنتجات المياه الملوثة وبينما يعبر البعض عن مخاوفهم من استهلاك هذه المياه، يشكك آخرون في صحة التقارير الإعلامية حول التلوث، متهمين وسائل الإعلام بالمبالغة في نقل الأخبار. ورغم ذلك، تظهر دعوات متزايدة عبر هذه الشبكات للضغط على الحكومة لاتخاذ إجراءات سريعة لحماية صحة المواطنين. من المحتمل أن يرتفع الطلب على مياه معدنية من شركات أخرى، بعد انكشاف حقيقة المياه الملوثة. كما قد يزيد الوعي الصحي بين المواطنين بشأن أهمية فحص جودة المنتجات الموردة إلى الأسواق وقد يشهد السوق السوري عمليات سحب طوعية لبعض المنتجات الملوثة، تجنبًا للمسؤولية القانونية أو الصحية. إجراءات لا تحتمل التأجيل يجب على الحكومة السورية تبني إجراءات صارمة لمراقبة المنتجات الملوثة ومنع دخولها إلى الأسواق من المهم تكثيف الفحوصات المخبرية على جميع المواد المستوردة، وإنشاء هيئة مستقلة تختص بالتحقق من جودة المواد الغذائية والمشروبات في الأسواق. كما يجب تعزيز التعاون بين الجهات الحكومية والمجتمع المدني لضمان استجابة سريعة وفعّالة في التعامل مع هذه القضايا الصحية. وفي ذات السياق، ينبغي على وسائل الإعلام السورية تكثيف تغطيتها لهذه القضايا الصحية الهامة، والتحقيق في الوقائع بشكل مستمر، لضمان اطلاع المواطنين على الحقيقة الكاملة. دور الإعلام لا يقل أهمية عن دور الحكومة في محاربة هذه المخاطر. قضية المياه الملوثة ليست مجرد حادث عرضي، بل هي مؤشر على ضعف الرقابة وتراخي الإجراءات حيث بات من الضروري أن تتحرك الجهات المختصة بشكل عاجل لحماية صحة المواطنين السوريين وضمان سلامة الأسواق. فالوقت ليس في صالح المواطنين، والأزمات الصحية لا تنتظر.
| ||
ما هو تقيمكم لموقع وجريدة الدبور